رسائل النبي إلى الملوك والزعماء: «رسالة النبي إلى معاذ بن جبل «داعيا ومفقّها ومفتيا»
إعـــــــداد: مـــــــيرفت عزت -
يقول صاحب كتاب (رسائل ورسل رسول الله إلى الملوك والأشراف)، أن معاذ بن جبل صحابي فقيه وقارئ قرآن وراو للحديث النبوي من الأنصار من بني أدّى من بني جشم بني الخزرج، أسلم وعمره 18 سنة وشهد بيعة العقبة الثانية، ولما أسلم تولى معاذ مع ثعلبة بن عنمة وعبد الله بن أنيس تكسير أصنام بني سلمة.
وقد شهد معاذ بن جبل غزوة بدر ثم شهد مع النبي صلى الله عليه وسلم باقي المشاهد كلها. ولما فتح النبي صلى الله عليه وسلم مكة استخلف عليها عتاب بن أسيد يصلى بهم، وخلف معاذاً يُقرئهم القرآن ويفقههم في دينهم.
أثنى النبي صلى الله عليه وسلم على معاذ، فقد روى أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: «أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدها في دين الله عمر، وأصدقها حياء عثمان، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ». كان الذين يفتون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة من المهاجرين، عمر وعثمان وعلي. وثلاثة من الأنصار أبي بن كعب ومعاذ وزيد.
وقد أحبه النبي صلى الله عليه وسلم حبا عظيما، وصرح له بذلك، بل وأكده بيمين حلفها بالله عز وجل، وكرر العبارة والكلمة ليقع في قلب السامع عظيم قدر هذه المحبة والمودة.
فعن معاذ بن جبل رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بيده وقال: «يا معاذ: والله إني أحبك، والله إني لأحبك، وقال له : « أوصيك يا معاذ ! لا تدعن في دبر كل صلاة تقول : اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك»..
وفي إحدى روايات الحديث- أن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم : «وأنا والله أحبك» وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «معاذ أمام العلماء يوم القيامة برتوة أو رتوتين».
ومن فضله أنه بعثه النبي صلى الله عليه وسلم مبلغا عنه، داعيا، ومفقها، ومفتيا، وحاكما إلى أهل اليمن . وكان يشبهه بإبراهيم الخليل عليه السلام
فهذا الحديث - ولا شك - فضيلة لمعاذ بن جبل رضي الله عنه، غير أنه لم يختص بهذه الفضيلة دون باقي الصحابة، فقد ورد تصريح النبي صلى الله عليه وسلم لبعض الصحابة رضوان الله عليهم بمحبته لهم على وجه الخصوص أو العموم.
يضيف الشيخ عبد الله بن محمد بن حديدة الأنصاري في كتاب« المصباح المضيء فى كتاب النبي الأمي صلى الله عليه وسلم ورسله إلى ملوك الأرض»: ولما أُصيب أبو عبيدة بن الجراح والي الشام في طاعون عمواس، استخلف معاذ بن جبل، فماتت زوجتاه، ثم ولداه بطاعون عمواس، ثم مات هو في نفس الطاعون، وقيل مات وعمره 33 أو 34 أو 38 سنة، وذلك سنة 17 هـ أو 18 هـ في الأردن في طاعون عمواس وكان معاذ طويلاً، حسن الثغر، عظيم العينين، أبيض، جعد، قطط، مجموع الحاجبين.
وطاعون عمواس، هو وباء وقع في بلاد الشام في أيام خلافة عمر بن الخطاب سنة 18هـ بعد فتح بيت المقدس، ومات فيه كثير من المسلمين ومن صحابة النبي صلى الله عليه وسلم، فبعث له الرسول صلى الله عليه وسلم برسالة.
نص الرسالة:
( من محمد رسول الله إلى معاذ بن جبل، سلام عليك، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو.
أما بعد، فقد جزعك عن ولدك الذي قضى الله عليه، وإنما كان ابنك من مواهب الله السنيه، وعواريه المستوعبة عندك، فمتعك الله به إلى أجل، وقبضه لوقت معلوم، (فإنا لله وإنا إليه راجعون). لا يحبطن جزعك أجرك، فلو قد قدمت على ثواب مصيبتك لعلمت أن المصيبة قد قصرت، لعظيم ما أعد الله عليها من الثواب لأهل التسليم والصبر، واعلم أن الجزع لا يرد ميتاً ولا يدفع قدرا، فأحسن العزاء وتنجز الموعود فلا يذهبن أسفك على ما لازم لك ولجميع الخلق نازل بقدره.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته».
وقد أمر صلى الله عليه وسلم الناس بأخذ القرآن عنه، وبعثه إلى اليمن معلما وداعيا وأميرا، ولما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب عمر في الناس فقال لهم : «من أراد الفقه فليأت معاذ بن جبل»، قال عبد الله بن مسعود« إن معاذ بن جبل، كان أُمة قانتًا لله حنيفا، ولم يكن من المشركين»
وبعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، شارك معاذ في الفتح الإسلامي للشام، وتوفي رضي الله عنه في الأردن في طاعون عمواس، سنة ثماني عشرة أو سبع عشرة للهجرة.
وشارك في معركة اليرموك، قال محمد بن كعب القرظيفي سبب خروجه إلى الشام: جمع القرآن في زمن النبي خمسة من الأنصار: معاذ وعبادة وأُبي وأبو أيوب وأبو الدرداء، فلما كان عمر، كتب يزيد بن أبي سفيان إليه: إن أهل الشام كثير، وقد احتاجوا إلى من يعلمهم القرآن ويفقههم، فقال:أعينوني بثلاثة، فقالوا:هذا شيخ كبير،لأبي أيوب، وهذا سقيم - لأُبيّ ، فخرج الثلاثة إلى الشام، فقال:ابدءوا بحمص، فإذا رضيتم منهم، فليخرج واحد إلى دمشق، وآخر إلى فلسطين.